كلمة السيد مُراد وهبه: في افتتاح مؤتمر تعزيز المشاركة السياسية للمرأة، الدعم الأساسي لعمليات الإصلاح السياسي والتنمية المستدامة

18 مارس 2018

--- Image caption ---

كلمة السيد مُراد وهبه
الأمينِ العامِّ المساعِد للأُمَم المتحدة
والمديرِ المساعِد، والمديرِ الإقليميِّ للدُّوَل العربيّة في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي
ورئيسِ مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية الإقليمية في الدُّوَل العربية والشرقِ الأوسط وشمالِ أفريقيا
في افتتاح مؤتمر
تعزيز المشاركة السياسية للمرأة، الدعم الأساسي لعمليات الإصلاح السياسي والتنمية المستدامة
الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
17-18 مارس/آذار 2018

معالي السيد وزير العدل – حافظ الأختام ممثلاً لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة

معالي السيد وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية

أصحاب المعالي السادة أعضاء الحكومة

حضرات السيدات والسادة من البرلمانيات والبرلمانيون، من ممثلي المجتمع المدني

أصحاب السعادة السفراء وأعضاء البعثات الدبلوماسية،

الضيوف الكرام،

اسمحوا لي أن أستهل كلمتي اليوم بالإعراب عن امتناني لدعوتكم الكريمة لي للمشاركة في هذا المحفل الموقر الذي يسلط الضوء على أحد أهم أولويات الإصلاح وأهم ركائز التنمية المستدامة، ألا وهو تعزيز المشاركة السياسية للمرأة.

ويشرفنا أن يحظى هذا الملتقى الهام بالرعاية الكريمة لفخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، والذي حرص على توجيه كلمة خاص في افتتاحه.

كما أسجل تحية واجبة لمعالي السيد وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية على عمق التزامه بتعزيز المشاركة السياسية للمرأة في جميع مستويات المجالس النيابية وتعاونه الوثيق معنا في هذا مجال.

ولو كان لي أن أختار ما أخترت أنسب من هذا الوقت ولا أفضل من هذا المكان لانعقاد هذا المؤتمر المهم .

ففي هذا الشهر من كل عام تحتفي العديد من دول العالم بإنجازات النساء واسهاماتهن الجليلة في مختلف مناحي الحياة، ولذلك اختارت تلك الدول، من خلال الأمم المتحدة، يوم الثامن منه يوماً للمرأة، احتراماً لها وتقديراً لإنجازاتها في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وعرفاناً لنضالها من أجل تحقيق الانصاف والمساواة في الحقوق.

ولقد شرفت بلقاء بعثة الجزائر إلى اجتماعات الدورة الحالية للجنة وضع المرأة التابعة للأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي برئاسة معالي السيدة وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة والتي عرضت أهم وآخر إنجازات الجزائر في مجال تحقيق المساواة والتمكين والتضامن، وهو ما سوف يسهم بلا شك في تحقيق أهداف التنمية المستدامة غي هذا الوطن الغالي.

وأود هنا أن أعرض لجانب من رسالة الأمين العام للأمم المتحدة في يوم المرأة العالمي في مطلع هذه الشهر إذ قال "إن تمكين المرأة يقع في قلب خطة التنمية المستدامة للعام 2030، والتقدم المحرز على نهج الأهداف المستدامة يعني التقدم للنساء والفتيات كافة وعلى المستوى العالمي . إن مبادرة تسليط الضوء التي تم إطلاقها مؤخراً من قِبل الأمم المتحدة والمجموعة الأوروبية ستعمل على تركيز الموارد من أجل القضاء على العنف ضد النساء والفتيات، وهو الشرط الأساس لتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة."

ولا يفوتني أيضاً ما ذكره مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ذات المناسبة إذ قال في رسالته، "لقد حان الوقت الآن لتعزيز مشاركة المرأة السياسية، إذ أن النساء لا يشكلن أكثر من 23.5 في المائة من أعضاء المجالس النيابية على المستوي العالمي." وأضاف "إن الوقت قد حان للقضاء على العنف ضد النساء والفتيات، فهناك تسعة وأربعون بلدا لا توجد بها قوانين لحماية المرأة من العنف المنزلي، وفي سبعة وثلاثين بلد لا يُقدَم الجناة في حوادث الاغتصاب إلى المحاكمة إن كانوا متزوجين أصلاً من الضحايا أو تزوجوا بهن فيما بعد."

واجتماعنا اليوم في الجزائر التي ألهم كفاحها من أجل التحرير العالم كله، يأتي تعبيراً عن ريادة التجربة الجزائرية في دعم نضال المرأة لتعزيز مشاركتها الفاعلة في الشأن العام، وخاصة في العملية السياسية كناخبة ومرشحة. فالجزائر كانت سباقة كأول دولة عربية تتعدى عتبة الثلاثين بالمائة في تمثيل المرأة في المجلس النيابي، والتي تعُدّها الأدبيات الدولية "عتبة حرجة" للمشاركة الفاعلة للمرأة في صنع القرار.

وهنا في الجزائر يتعاون برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بشكل وثيق مع الحكومة لدعم سياساتها التقدمية لتعزيز المساواة بين الجنسين، بناءً على ما تم تحقيقه من نتائج في المراحل السابقة من التعاون في هذا المجال، حيث سيتم دعم جهود تعزيز تمثيل النساء ومشاركتهن الكاملة والفعالة في المجلس الشعبي الوطني الجزائري، وكذلك على المستويات المحلية، وتعزيز الأطر القانونية والاقتصادية والاجتماعية التي تضمن مساواة المرأة بالرجل في الوصول إلى المناصب القيادية على جميع مستويات صنع القرار، سعياً إلى التمكين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لكافة النساء والفتيات في الجزائر وزيادة فرصهن لتحقيق حياة أفضل.

حضرات السيدات والسادة،

إن "تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء والفتيات" يشكل أحد المبادئ الحاكمة لخطة 2030 وشرط أساسي لتحقيق كل الأهداف الأخرى.

لهذا تضع الأمم المتحدة القضاء على كافة اشكال التمييز ضد النساء والفتيات، وتمكين المرأة، وتحقيق المساواة والتكافؤ في الفرص بين المرأة والرجل، وخاصة زيادة المشاركة السياسية للمرأة ضمن أهم الأولويات. إذ شجعت الجمعية العامة للأمم المتحدة الدول الأعضاء على إزالة الممارسات التمييزية التي قد تعرقل المشاركة السياسية للمرأة، وكلفت وكالات الأمم المتحدة المختلفة بالعمل على تعزيز حقوق المرأة ومشاركتها المتساوية في المجال السياسي.

ومن هذا المنطلق يكتسب موضوع مؤتمركم اليوم أهمية كبرى لنا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، هيئات الأمم المتحدة الأخرى ذات الصلة، وفي مجموعة الأمم المتحدة الإنمائية التي أتشرف برئاستها على المستوى الإقليمي، حيث نُعنى بشكل أساسي بدعم جهود الدول لإدماج حقوق المرأة في استراتيجيات تنميتها الوطنية، وضمان تمثيل أصوات النساء في الخطاب الوطني العام، ولدعم مشاركة المرأة في العملية الديمقراطية، وتسريع وتيرة الإصلاحات التشريعية والانتخابية والقضائية التي تعزز مشاركة المرأة في الفضاء العام وتضمن حقوقها وحمايتها، في القانون والممارسة العملية.

ونحن نتطلع إلى أن يكون للجزائر إسهام ريادي في تعزيز مشاركة المرأة في المجال السياسي على مستوى المنطقة العربية كلها، بل وفيما يتخطى حدود المنطقة، من واقع انجازها الرائد في تعزيز تمكين المرأة وبخاصة في المجال السياسي.

وما كان هذا النجاز ليتحقق دون أن تتبنى الجزائر تعديلات دستورياً مستنيراً في العام 2008، أكد في المادة 35 من الدستور التزام الدولة باتخاذ التدابير اللازمة لتعزيز مشاركة المرأة في المجالس المنتخبة، وأتبعته في العام 2012 بتشريعات جريئة حددت آليات وأدوات قانونية لترجمة هذا الالتزام على أرض الواقع من خلال تطبيق نظام الحصص المخصصة للمرشحات من النساء على القوائم الانتخابية أو ما يُعرف بنظام الكوتا، وعززته لاحقاً في التعديلات الدستورية للعام 2016، والذي كرس في مادته 36 التزام الدولة بترقية التناصف بين الرجال والنساء في سوق التشغيل وتشجيعها ترقـية المرأة في مـناصب المسؤولية في الـهيئـات والإدارات العمـومية وعـلى مستوى المؤسسات.

وهنا أرجو أن تسمحوا لي بتسجيل تقديرنا للتعاون الوثيق الذي نلمسه من العديد من شركاء التنمية الدوليين، وأخص بالذكر الحكومتين البريطانية والسويسرية ولدعمهم الكبير لجهود الحكومة الجزائرية في هذا المجال، بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة، وخاصة لتعزيز قدرات المرأة المنتخبة بما يمكنها من أداء دورها على أكمل وجه.

وفي هذا الإطار فقد شرعنا في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إجراء بحث موسع على مستوى المنطقة العربية، يشمل الجزائر، سعياً إلى فهم أفضل للمعوقات التي تحول دون مشاركة المرأة بشكل فاعل في صنع القرار في الفضاء العام وفي المجال السياسي على وجه الخصوص، من أجل تكوين قاعدة معرفية نبني عل أساسها أعمالنا لدعم الجهود الوطنية التي تهدف إلى التصدي لمثل تلك العقبات بشكل أفضل ولتصميم الآليات والأدوات اللازمة لذلك، تحقيقا للتنمية المستدامة في منطقتنا العربية كافة.

حضرات السيدات والسادة،

أتمنى لكم مؤتمراً مثمراً يحقق أهدافه الطموحة وغاياته النبيلة.

وأشكركم على حسن الاستماع.